حرية تداول المعلومات دراسة قانونية

Transkript

1 حرية تداول المعلومات دراسة قانونية الطبعة الثانية 2013

2 برنامج الحق في المعرفة حرية تداول المعلومات دراسة قانونية الطبعة الثانية 2013 فريق عمل الطبعة االوىل 2011 قام أحمد عزت مدير الوحدة القانونية بإعداد وتحرير اإلطار القانوين عىل املستويني الدويل واملحيل وأعد كل من ريهام زين الباحثة السابقة باملؤسسة تجربة األردن. وسارة املرصي الباحثة السابقة باملؤسسة ورؤى إبراهيم مسئول برنامج الحق يف املعرفة تجربة الهند وقام بتحرير الدراسة عامد مبارك املدير التنفيذي.»صدرت تلك الدراسة بدعم من منظمة اليونسكو وال تعرب بالرضورة اى من اآلراء الواردة بها عن اليونسكو«

3 حرية تداول املعلومات»دراسة قانونية«إعداد وتحرير أحمد عزت»مدير الوحدة القانونية مبؤسسة حرية الفكر والتعبري«تصميم الغالف و التنسيق الداخيل النارش: 4 شارع أحمد باشا - الدور السادس جاردن سيتي - القاهرة. ت/ف: /

4 إهداء»اذا أردت الحق في المعرفة فعليك أن تنتج معرفتك وتنشرها وتشاركها مع اآلخرين«هكذا قال المهندس»علي شعث«الذي رحل عن دنيانا بعد رحلة كفاح من أجل تمكين الناس من حقهم في المعرفة والتعلم. وتمجيدا لذكراه تهديه مؤسسة حرية الفكر و التعبير هذه الدراسة.

5 المحتوى ملخص الدراسة القسم األول الحامية الدستورية لحرية تداول املعلومات أوال: حرية تداول املعلومات يف تعديالت لجنة الخمسني عىل دستور ثانيا: دستور 2012 والتوسع يف االستثناءات. ثالثا: حرية تداول املعلومات يف ظل دستور رابعا: حرية تداول املعلومات يف ظل اإلعالن الدستوري الصادر يف 13 فرباير خامسا: االستثناءات الواردة يف كل من دستور 1971 ودستور سادسا: الرضورة االجتامعية كمعيار دستوري لالستثناء عىل حرية تداول املعلومات. سابعا: استنتاج. القسم الثاين املعايري الدولية لحرية تداول املعلومات أوال: حرية تداول املعلومات يف املواثيق الدولية الرئيسية. ثانيا: حرية تداول املعلومات يف نظام األمم املتحدة. ثالثا: حرية تداول املعلومات يف األنظمة اإلقليمية واملقارنة. رابعا: مبادئ منظمة املادة 19 املتعلقة بحرية تداول املعلومات. القسم الثالث املعلومات يف الترشيعات املرصية أوال: الصحافة وحرية تداول املعلومات. ثانيا: املطبوعات واالستثناءات واسعة النطاق عىل حرية تداولها.

6 ثالثا: قانون الطوارئ وتقنني قمع حرية تداول املعلومات. رابعا: الوثائق الرسمية والتاريخية )عدم التوازن بني اإلتاحة والحجب(. خامسا: الحظر املطلق لتداول املعلومات املتعلقة بأنشطة الجهات العسكرية واألمنية. سادسا: الحق يف الحصول عىل املعلومات والخصوصية يف القانون املرصي. سابعا: املعلومات و"املعلومات" الكاذبة. ثامنا: جلسات املحاكم وتحقيقات النيابة وجلسات الربملان. تاسعا: التقنية وحرية تداول املعلومات. عارشا: امللكية الفكرية والتشارك املعلومايت. حادي عرش: معلومات اإلحصاء والتعداد والتعبئة العامة. ثاين عرش: إدالء املوظف العام مبعلومات تتعلق بشئون وظيفته. ثالث عرش: حق املستهلك يف الحصول عىل املعلومات. رابع عرش: الجهاز املركزي للمحاسبات. خامس عرش: الترشيعات االقتصادية بني الشفافية والفساد. الرس. األمن القومي. أوال: تجربة الهند. ثانيا: تجربة األردن. ثالثا: تجربة اليمن. القسم الرابع مفاهيم أساسية القسم الخامس تطبيقات قضائية القسم السادس تجارب دولية

7 7 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( ملخص الدراسة يف إطار العمل عىل تعزيز الحق يف املعرفة من خالل أنشطة مؤسسة حرية الفكر والتعبري املختلفة سواء ما يتعلق منها برصد االنتهاكات أو تقديم الدعم القانوين أو إعداد الدراسات واألوراق البحثية املتعلقة بهذا الصدد تتقدم املؤسسة بهذه الدراسة حول حرية تداول املعلومات يف مرص وبعض األنظمة القانونية املقارنة مساهمة منها يف الجدل الذي يدور منذ سنوات وحتى اآلن بشأن هذه املسألة خاصة مع طرح مرشوع لقانون حرية تداول املعلومات يف مرص ضمن ح زمة القوانني والقرارات التي دخلت حيز النقاش بعد ثورة 25 يناير. وتأيت أهمية الحق يف الوصول للمعلومات وتداولها من اعتباره أحد أهم آليات تعزيز ودعم مامرسة الحقوق األخرى عىل اختالف أنواعها فهو عامل أسايس لتهيئة سياق وبيئة عامة تحرتم وتحمي وتؤدي الحقوق سواء كان ذلك عىل مستوى الفرد الطامح ألن يكون مواطنا كامال دون عنف أو متييز أو تهميش أو عىل مستوى مجتمع طامح لتنمية إنسانية حقيقية ومناخ يحرتم الحريات ويقوم عىل أسس دميقراطية تحرتم معايري الشفافية والحكم الرشيد. وأوجزت سارة جاجوانث يف كتابها )الحق يف املعرفة..الحق يف الحياة( عن تأثري وعالقة الحق يف املعرفة عىل باقي الحقوق األخرى 1 بأنه: إما جزء ومكون أسايس متضمن يف مامرسة حقوق أخرى كحرية التعبري والحق يف محاكامت عادلة.. إلخ. أو يعزز ويحمي حقوق أخرى كالحقوق االجتامعية واالقتصادية. أو يدعم الدفاع عن الحق يف مامرسة الحقوق األخرى. أو مينع املزيد من االنتهاكات للحقوق األخرى بتوفري مجال الرقابة واملحاسبة املوضوعية واملنظمة. تعرض الفقرات القادمة تفنيدا ملا أوجز عن أثر الحق يف املعرفة وحرية تداول املعلومات كآلية هامة وعملية لدعم وتعزيز حزمة الحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية من جانب وكمكون أسايس والزم لحزمة الحقوق املدنية والسياسية. مام يوضح األهمية االسرتاتيجية واآلنية للدفع بكافة السياسات واإلجراءات التي تحرتم وتحمي وتؤدي ذلك الحق من أجل تنمية إنسانية حقيقية ومناخ دميقراطي حر يف املرحلة املقبلة. الحق يف املعرفة والوصول للمعلومات..مكون أسايس من حزمة الحقوق السياسية واملدنية يف دراسة دولية ضخمة )مسح القيم العاملي( شملت مسوح ميدانية يف عدد كبري من الدول ومنها من الدول العربية )األردن مرص الجزائر املغرب( جاءت املنطقة العربية من أعىل الدول رفضا للحكم التسلطي 1. Access To Information: an instrumental right for empowerment, Article 19.july 2007.»ملخص الدراسة«

8 8 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( واألكرث تفضيال للنظام الدميقراطي وتقديرا ألهمية املعرفة يف تحقيق التنمية اإلنسانية كإحدى أهم الحاجات املاسة للمجتمعات العربية يف الوقت الراهن وتحقيقا لتطورها وتقدمها 2 وذلك ما جاء مؤكدا لتعليق تقرير التنمية اإلنسانية العربية 2002 الذي أكد عىل أن السمة الغالبة عىل مشهد الواقع العريب الراهن هي تغلغل نواقص محددة يف البنية املجتمعية العربية تعوق بناء التنمية اإلنسانية وهي الحرية والقدرات اإلنسانية الخاصة باملعرفة ومتكني املرأة. ونستخلص من ذلك االرتباط الوثيق بني وضع الحق يف املعرفة وتداول املعلومات وحالة الدميقراطية والحكم الرشيد يف الدول فدرجة احرتام وتأدية وحامية الحق يف املعرفة مؤرش هام لحالة الحقوق املدنية والسياسية بشكل عام يف املجتمع ومؤرش ملدى متتع الدولة مبعايري الح كم الرشيد والتزامها بالشفافية ومحاربة الفساد وهذا ما يؤكده التقرير الصادر عن منظمة الواليات املتحدة األمريكية لحرية التعبري يف 1999 عندما أكد عىل أن "الحق يف الحصول عىل املعلومات الرسمية هو أحد أسس الدميقراطية التمثيلية ففي نظام الحكم الذي يعتمد عىل التمثيل يجب أن يستجيب من ميثل الشعب ملن ائتمنوه عىل متثيلهم وأعطوه سلطة اتخاذ القرارات يف األمور العامة ويصبح للفرد الذي فو ض ممثله بالقيام بإدارة األمور العامة الحق يف تداول املعلومات وهي املعلومات التي تستخدمها الحكومة وتنتجها باستخدام أموال دافعي الرضائب". ويعترب الحق يف املعرفة الوجه اآلخر لحرية التعبري فحرية التعبري يف معناها املبارش هي حق األشخاص يف أن يعربوا عن آرائهم وأفكارهم وهو ما يحتوي ضمنيا عىل حق متلقي هذه األفكار واآلراء واملعلومات يف وجود سبل ومنافذ تتدفق من خاللها بعيدا عن التدخل من قبل الحكومة أو غريها من األفراد. فحرية التعبري ال تقترص فقط عىل حرية األفراد يف التعبري عن آرائهم وإمنا تشمل أيضا حق تلقي اآلخرين لهذه اآلراء امل عرب عنها يف حرية. 3 أثر الحق يف املعرفة والوصول للمعلومات عىل تعزيز وحامية الحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية إعامال ملبدأ "أن الحقوق كل غري قابل للتجزئة" فإن الحق يف املعرفة ال يعترب وفقط حقا يف حد ذاته ولكنه أداة لتفعيل مامرسة حقوق أخرى فمن واجب الدولة أن تتيح ملواطنيها حق الوصول للمعلومات التي من شأنها أن تؤثر عىل حياتهم ومن ثم تكون قد وفرت حق متتعهم بكافة الحقوق األخرى فتوافر وتداول املعلومات يتيح إمكانية املعرفة املوضوعية الشاملة بأوضاع الحقوق األخرى وإمكانية الحكم عىل مدى وفاء الدولة مبا التزمت به من معايري وأهداف أعلنتها يف موازناتها وخططها العامة وفشلها يف ضامن حرية وتداول املعلومات يعني بشكل أو بآخر فشلها يف الوفاء بكافة الحقوق األخرى التي التزمت بأدائها وحاميتها. ويظهر ذلك جليا عندما أشار املجلس االقتصادي االجتامعي يف تعليقه العام رقم 14 )الفقرة 11( يف تأكيده عىل الحق يف الصحةعىل أهمية ضامنا لوصول للمعلومات متضمنا الحق يف الوصول والبحث والنقل- الخاصة 2. تقرير التنمية اإلنسانية العربية»نحو مجتمع املعرفة«برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ ورقة بحثية»تأصيل الحق يف املعرفة كسالح قضايئ للدفاع عن حرية الرأي والتعبري«أحمد سيف اإلسالم مركز املساعدة القانونية لحقوق اإلنسان.»ملخص الدراسة«

9 9 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( بقضايا وموضوعات الصحة كإحدى أهم آليات حامية ودعم الحق يف الصحة. 4 الحق يف الوصول للمعلومات يدعم الحقوق االقتصادية واالجتامعية بثالث عمليات مرتابطة توفري الوعي: أي الوعي بنطاق ومضامني الحقوق وأحقية اإلنسان يف التمتع بها فبدون ذلك الوعي لن تكون هناك القدرة عىل إدراك وجود وتفعيل تلك الحقوق ومتتعه الكامل بها. الرقابة: فالحق للوصول للمعلومات يشء حيوي يف مجال مراقبة أداء وإنجازات الحكومات فيام يخص التزاماتها تجاه املجتمع فعىل املستوى الدويل يعترب التقرير الشامل والعام الذي يصدر كل خمس سنوات وفق العهد الدويل للحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية ويستعرض ما قامت به الدول من إنجازات وما اتخذته من تدابري يف مجال دعم الحقوق االقتصادية واالجتامعية يساهم يف تكوين مؤرش دويل عام حول أوضاع تلك الحقوق وال يعتمد فقط عىل رسد البيانات بقدر ما يقوم عىل تحليلها وتقييمها لرسم توجيهات وسياسات عامة تدعم الدول األطراف يف تحقيق تقدم أفضل يف مجال حامية وتأدية واحرتام تلك الحقوق. وتعترب أكرث أهمية عىل املستوى املحيل أيضا فعىل سبيل املثال من حق املواطن أن يكون ملام بكافة سياسات وإجراءات الدولة يف مواجهة التمييز يف مجال الحق يف التعليم وذلك لن يأىت إال بحقه يف الوصول لكافة املعلومات والبيانات املتعلقة بتلك السياسات وترسم مؤرشا واضحا ملدى كفاءة الدولة يف ذلك املجال لذا فحق الوصول للمعلومات ميكن املواطن من أن يكون رقيبا ومحكم موضوعي عىل التزامات الدولة تجاه أداء وحامية واحرتام الحقوق األخرى. حق التقايض )املحاسبة(: فاملعلومات لها أهمية محورية يف دعم إمكانية التقايض فيام يخص دعم وتعزيز الحقوق االقتصادية واالجتامعية حيث من الصعوبة إثبات االنتهاك أو التمييز يف مجال التمتع بالحق بغري أدلة محددة وواضحة وبشكل خاص يف مجال الحقوق التي تستلزم التزامات إيجابية من قبل الدولة ومؤسساتها املختلفة كالحقوق البيئية والحق يف الصحة -عىل سبيل املثال- حيث ميكن أن يكون لها إحصاءات كمية خاصة بانبعاثات الهواء واملاء وأثرها عىل األفراد وحق التقايض واملحاسبة الذي توفره حرية تداول ووصول املعلومات له أكرب األثر يف مجال الدعم والدفاع اإليجايب املبارش عن الحقوق االقتصادية واالجتامعية والثقافية. وتأيت هذه الدراسة يف مرحلة ينبغي فيها عىل الدولة املرصية أن تراجع وتعدل الكثري من األطر الترشيعية واملامرسات اإلجرائية التي احتكرت بها عىل مدى العقود السابقة ما يزيد عىل %80 من املحتوى املعلومايت بأوجهه العسكرية واألمنية والسياسية والفكرية واالقتصادية والبحثية واالجتامعية 5 وتتعامل الغالبية الساحقة من مؤسسات الدولة وهيئاتها البريوقراطية واإلدارية باعتبار أن األصل يف األمور هو حجب املعلومات ال اإلفصاح عنها وتداولها بحرية وأن املعلومات ملك للدولة وليس للمواطن أو املنشآت واملؤسسات املختلفة حقوق فيها بل إن عىل اآلخرين أن يتلقوا فقط املعلومات التي ترى هي أنهم بحاجة إليها أو أنهم يستحقونها أو ميكن أن تحقق لهم منفعة أو تدفع رضرا بعبارة أخرى اعتربت الدولة نفسها "الويل والويص عىل املواطنني 4. Access To Information: an instrumental right for empowerment, Article 19.july عنف املعلومات يف مرص والعامل جامل غيطاس نهضة مرص ط »ملخص الدراسة«

10 10 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( فيام يتعلق مبلكية وإدارة املحتوى املعلومايت املجتمعي وتوظيفه واستخدامه وطرق تداوله". بدأت محاوالت إصدار ترشيع لتنظيم الحق يف الحصول عىل املعلومات تأخذ توجها أكرث جدية بعد قيام ثورة الخامس والعرشين من يناير وقد لعب املجتمع املدين املرصي دورا جوهريا يف تقديم النصائح واإلرشادات الحقوقية والقانونية للجهات التي تول ت إدارة هذه املحاوالت التي توقفت حتى لحظة إصدار هذه الدراسة عند كونها مجرد محاوالت مل ينتج عنها أبدا صدور قانون بهذا الصدد. كانت املحاولة األوىل تحت مظلة مركز املعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع ملجلس الوزراء ثم أتت املحاولة الثانية من داخل املؤسسة الترشيعية املمثلة يف مجلس الشعب 2012 وكانت األخرية مببادرة من وزارة العدل بعد حل مجلس الشعب ونقل السلطة الترشيعية ملجلس الشورى. كان الحارض الغائب يف جميع املحاوالت السابقة إلصدار قانون تداول املعلومات هي مؤسسات الدولة التي قاتلت بإرصار من أجل توسيع نطاق االستثناءات الواردة عىل حق الجمهور يف الحصول املعلومات تحت مزاعم عديدة منها ما يتعلق باألمن القومي ومنها ما يتعلق باملصالح الخارجية واالقتصادية وغريها من املربرات التي ساقتها هذه الجهات رصاحة وضمنا بهدف إيقاف ما مينحه القانون من حقوق للجمهور عند حدود معينة. وبالتوازي مع محاوالت إصدار قانون لتنظيم الحق يف الحصول عىل املعلومات تهدف هذه الدراسة إىل تحليل الترشيعات املرصية التي تتضمن مئات النصوص التي تقيد هذا الحق الذي ال ميكن الحديث عن الدميقراطية دون أن تكون لدى السلطات املرصية إرادة سياسية لصيانته وضامنه. يتناول القسم األول من الدراسة اإلطار الدستوري للحق يف الحصول عىل املعلومات يف الدساتري السابقة وأيضا يف النص الدستوري املقرتح للتعديالت الجاري إدخالها عىل دستور 2012 أثناء إعداد هذه الطبعة لإلصدار ويوضح هذا القسم العوار الذي يشوب هذه النصوص باملخالفة للمعايري املستقرة دوليا سواء يف نصوص القانون الدويل أو يف املامرسات الفضىل للحكومات الدميقراطية وأحكام املحاكم اإلقليمية والوطنية التي تدعم حرية تداول املعلومات بوصفها ال تتجزأ عن حرية التعبري. ويركز القسم الثاين من الدراسة عىل املعايري الدولية الخاصة بالحق يف الحصول عىل املعلومات سواء املنصوص عليها يف املواثيق الدولية لحقوق اإلنسان كالعهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية والعهد الدويل للحقوق االقتصادية واالجتامعية وكذلك قرارات الجمعية العامة لألمم املتحدة بهذا الصدد وتوصيات املقرر الخاص املعني بتعزيز حرية التعبري وأحكام املحاكم اإلقليمية بشأن هذا الحق مثل أحكام املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ومحكمة الدولة األمريكية لحقوق اإلنسان واللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب وأيضا مبادئ منظمة املادة 19 املعنية بالدفاع عن حرية التعبري بشأن الحق يف الحصول عىل املعلومات. وتقدم املعايري املستخلصة من النصوص واألحكام الواردة يف هذا القسم إرشادات هامة للمهتمني سواء من الحكومات أو املنظامت غري الحكومية املعنية بالدفاع عن الحق يف الحصول عىل املعلومات يف اتجاه تعزيز الشفافية ودولة القانون.»ملخص الدراسة«

11 11 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( يف القسم الثالث من الدراسة نتناول بالتحليل التفصييل الترشيعات املرصية والقيود التي تفرضها عىل حرية تدفق املعلومات ومن أمثلة هذه الترشيعات تلك املنظمة للصحافة واملطبوعات والقوانني االستثنائية ومثاال لها قانون الطوارىء والترشيعات املنظمة للمعلومات املتعلقة بأنشطة الجهات العسكرية واألمنية والتي تنظم حفظ الوثائق الرسمية والتاريخية مع تبيان التوازن بني معايري اإلتاحة ومعايري الحجب كام يتطرق هذا القسم إىل املعلومات والبيانات الشخصية يف إطار دراسة الحامية القانونية للحق يف الخصوصية يف الترشيع املرصي كا تتناول الدراسة نصوص قانون العقوبات التي تقيد الحق يف الحصول عىل املعلومات سواء تلك التي تجرم نرش األخبار واملعلومات والبيانات الكاذبة إذا كان من شأنها اإلخالل بالسلم العام أو التي متنح بعض الجهات الحق يف مبارشة أجزاء من أعاملها برسية كالنيابة العامة واملحاكم والربملان. أيضا يتناول القسم الثالث من الدراسة الترشيعات املنظمة لجاهزين من أهم األجهزة التي يرتبط عملها باملعلومات والشفافية وهام الجهاز املركزي للتعبئة العامة واإلحصاء والجهاز املركزي للمحاسبات لتوضيح قصور هذه الترشيعات عن ضامن حق الجمهور يف الوصول للمعلومات. ومن الترشيعات التي يتناولها القسم الثالث ذلك املرتبط بتنظيم حقوق امللكية الفكرية ويهدف إىل تبيان التأثري السلبي لهذا الترشيع عىل التشارك املعلومايت والحق يف املعرفة وذلك بفرض قيود شديدة عىل استخدام املحتويات املعرفية وعدم التوازن بني حقوق املؤلف املادية وحق الجمهور. كام يتناول الترشيعات املنظمة للحق يف التقنية كقانون تنظيم االتصاالت وغريه فيام يتعلق بالقيود التي تفرضها عىل حركة املعلومات بني األفراد. ينتهي القسم الثالث بالترشيعات املنظمة لألنشطة االقتصادية للوقوف عىل مدى تعزيز هذه الترشيعات لسياسات الشفافية واإلفصاح التلقايئ ويف هذا الصدد نتناول بالتحليل الترشيع الخاص باملناقصات واملزايدات الحكومية والترشيعات املنظمة لسوق األوراق املالية. يعرض القسم الرابع من الدراسة مفهومني رئيسني من املفاهيم ذات الصلة بالحق يف الحصول عىل املعلومات وهام )الرس( و )األمن القومي( باعتبارهام مربرين أساسيني لدى الحكومة املرصية لحجب املعلومات وذلك عىل الرغم من غياب تعريفات دقيقة ملفهوم املعلومات الرسية وأيضا األمن القومي. وينتقل القسم الخامس ألهم التطبيقات القضائية الصادرة من املحاكم املرصية يف قضية حرية تداول املعلومات والقيود املفروضة عليها فيام يتناول القسم السادس بعض التجارب الدولية يف سن الترشيعات الخاصة بالحق يف الحصول عىل املعلومات ومنها تجارب الهند واألردن واليمن من حيث نقاط الضعف والقوة يف كل من ترشيعات هذه الدول واملامرسات التي استتبعت سن هذه الترشيعات.»ملخص الدراسة«

12 القسم األول الحماية الدستورية لحرية تداول المعلومات

13 13 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( يف معرض مناقشة الحامية الدستورية لحرية تداول املعلومات يناقش هذا القسم حرية تداول املعلومات يف ضوء نصوص النص الدستوري املقرتح للتعديالت الجاري إدخالها عىل دستور 2012 وكذلك وضع حرية تداول املعلومات يف دستور 2012 الذي تم إيقاف العمل به مبوجب اإلعالن الدستوري الصادر يف يوليو 2013 وأيض ا يف دستور 1971 الذي أسقط بعد ثورة 25 يناير وذلك يف محاولة للوصول ألهم املبادئ الدستورية التي تضمنتها هذه النصوص أو التي قضت بها املحكمة الدستورية العليا بهذا الصدد. 6 أوال: حرية تداول املعلومات يف تعديالت لجنة الخمسني عىل دستور 2012 ظهر النص الخاص بحرية تداول املعلومات يف التعديالت الجاري إدخالها عىل دستور 2012 أثناء إعداد هذه الدراسة وقد ألزم النص الدولة بإتاحة املعلومات والوثائق والبيانات الرسمية للمواطنني دون أن يتطرق النص للمعلومات التي بحيازة أشخاص القانون الخاص كالرشكات وغريها والتي يعترب جزء كبري منها واقعا يف نطاق املعلومات الواجب إتاحتها للجمهور ويستثنى فقط ما يتعلق بخصوصية األفراد. كذلك اقترصت اإلتاحة للمعلومات التي بحوزة جهات حكومية عىل املواطنني علام بأن حرية تداول املعلومات بوصفها جزء ال يتجزأ من حرية التعبري يجب أن تكون متاحة لكل إنسان أينام وجد ودومنا اعتبار للحدود 7 وفقا لإلطار التطبيقي لحرية التعبري. أيضا أحال النص تنظيم الحصول عىل املعلومات وضوابط اإلتاحة والرسية للقانون دون أن يضع قيودا عىل القانون ذاته فيام يتعلق بحدود تدخله التنظيمي وذلك للحد من فرض قيود قد تعوق الحق يف الحصول عىل املعلومات وتفرغه من مضمونه. ثانيا: دستور 2012 والتوسع يف االستثناءات تضمنت املادة 47 من دستور 2012 الذي تم إيقاف العمل به مبوجب اإلعالن الدستوري الصادر يف 4 يوليو 2013 عددا من القيود عىل حرية تداول املعلومات أهمها خصوصية األفراد وحقوق اآلخرين واألمن القومي وقد انتابت هذه القيود عدة إشكاليات تتعلق بإطار تطبيقها والتوسع فيها حيث أن مصطلح»حقوق اآلخرين«دون تحديد ماهية هذه الحقوق عىل وجه التحديد عىل غرار»الحق يف الخصوصية«عىل سبيل املثال كان من شأنه أن يؤدي إىل إعطاء ذريعة للجهات الحائزة للمعلومات أو البيانات أو اإلحصاءات أو الوثائق الرسمية لالمتناع عن إتاحتها بزعم تعارض اإلتاحة مع حقوق اآلخرين. كام نص دستور 2012 عىل أن األمن القومي يعترب أحد االستثناءات الواردة عىل حرية تداول املعلومات وذلك دون وضع تعريف قانوين واضح ملا يسمى باألمن القومي والذي تخلو الترشيعات املرصية كافة من أي 6- نصت املادة 50 من املسودة قبل النهائية لتعديالت لجنة الخمسني عىل دستور 2012 عىل أن»املعلومات والبيانات واإلحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب. واإلفصاح عنها من مصادرها املختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن. وتلتزم الدولة بتوفريها وإتاحتها للمواطنني بشفافية. كام تلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد االنتهاء من فرتة العمل بها بدار الكتب والوثائق وحاميتها وتأمينها من الضياع أو التلف وترميمها ورقمنتها بجميع الوسائل واألدوات الحديثة. وينظم القانون قواعد إيداع الوثائق العامة وحفظها وقواعد الحصول عىل املعلومات( وضوابط اإلتاحة والرسية )والتظلم من رفض إعطائها ويحدد عقوبة حجب املعلومات أو اعطاء معلومات مغلوطة عمدا(. 7- يراجع يف ذلك اإلطار التطبيقي لحرية التعبري والحق يف الحصول عىل املعلومات املنصوص عليها يف املادة 19 من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية.»الحماية الدستورية لحرية تداول المعلومات«

14 14 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( تعريفات أو تفصيالت ملضمون هذا االستثناء وهو ما يعترب مخالفا للمعايري الدولية لحرية تداول املعلومات والتي من بينها أن تكون االستثناءات يف أضيق الحدود وأن تكون واضحة مبا ي عجز القامئني عىل تنفيذ القانون عن التوسع يف تفسريها. ثالثا: حرية تداول املعلومات يف ظل دستور 1971 مل يخصص دستور 1971 نصا خاصا لحرية تداول املعلومات كحق مستقل بذاته ومكفول لجميع املواطنني بل تضمن عددا من النصوص التي تحمي حرية تداول املعلومات بطريقة غري مبارشة من خالل الحامية املكفولة لحرية الرأي والتعبري التي كان منصوص عليها يف املادة 47 وأحيانا بطريقة مبارشة ولكن بتخصيص الحرية لطائفة معينة كام كان الحال بالنسبة للصحفيني الذين كفل لهم الحق يف الحصول عىل املعلومات مبوجب املادة 210. نص دستور 1971 يف املادة 47 منه عىل أن»حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبري عن رأيه ونرشه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غري ذلك من وسائل التعبري يف حدود القانون والنقد الذايت والنقد البن اء ضامن لسالمة البناء الوطني«. وبسبب عدم تضمن نص املادة 47 لحرية تداول املعلومات بشكل رصيح اعترب كل من الفقه والقضاء يف مرص أنها مكفولة وفقا لروح النص باعتبار حرية الرأي والتعبري هي أم الحريات جميعا ويف ذلك يقول الدكتور فاروق عبد الرب إن»حرية التعبري هي الحرية األم بالنسبة لسائر الحريات الذهنية التي تتفرع كلها عن حرية الرأي التي تبيح لإلنسان أن ي كو ن رأيا خاصا يف كل ما يجري تحت ناظريه من أحداث ويستوي أن يكون الرأي مؤيدا للسلطة أو معارضا لها أو منتقدا لترصفاتها» 8. كام قضت املحكمة الدستورية يف أحد أحكامها بأن»الدستور ال يرمي من وراء ضامن حرية التعبري أن تكون مدخال إىل توافق عام بل بصونها أن يكون كافال لتعدد اآلراء Plurality of opinions وإرسائها عىل قاعدة من حيدة املعلومات neutrality of information ليكون ضوء الحقيقة منارا لكل عمل ومحددا لكل اتجاه ذلك أن حرية التعبري التي تؤمنها املادة )47( من الدستور أبلغ ما تكون أثرا يف مجال اتصالها بالشئون العامة. 9 ويستفاد من الرأي الفقهي واالتجاه القضايئ السابقني أن حرية الرأي والتعبري تحتضن بداخلها حرية تداول املعلومات وذلك قياسا عىل الوضع الوارد يف املادة 19 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان التي تكفل حرية تداول املعلومات من خالل الضامن األشمل لحرية الرأي والتعبري. كذلك نص ت املادة 210 من دستور 1971 عىل أن»للصحفيني حق الحصول عىل األنباء واملعلومات طبقا لألوضاع التي يحددها القانون وال سلطان عليهم يف عملهم لغري القانون«. 8- الدكتور فارق عبد الرب الحامية الدستورية للحقوق والحريات ص 585 وما بعده طبعة دار النهضة العربية. 9- حكم املحكمة الدستورية العليا- القضية رقم 6 لسنة 15 قضائية»دستورية«جلسة 1995/4/15.»الحماية الدستورية لحرية تداول المعلومات«

15 15 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( وهنا كفل الدستور الحق يف الحصول عىل املعلومات رصاحة إال أنه قرص مامرسة الحق عىل الصحفيني وحدهم دون أن ميتد نطاق الحامية ليشمل بدوره الناس عامة. أيضا كفل دستور 1971 حرية تداول املعلومات بشكل غري مبارش يف نص املادة )48( التي نص ت عىل أن»حرية الصحافة والطباعة والنرش ووسائل اإلعالم مكفولة والرقابة عىل الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق اإلداري محظور...«. وذلك انطالقا من أن حريات الصحافة واإلعالم والنرش ال ميكن تحقيقها إال بضامن حرية تداول املعلومات وتدفقها باعتبار املعلومات هي رأس املال األسايس لكل هذه الوسائل. وال ميكن ضامن استقالليتها وقيامها بدورها دون أن تتاح لها املعلومات التي تحوزها جهات حكومية أو جهات خاصة أو أشخاص طبيعيني. وبذات املنطق نرى أن حرية تداول املعلومات يف دستور 1971 ميكن استقاؤها من نص املادة 49 التي نص ت عىل أن»تكفل الدولة للمواطنني حرية البحث العلمي واإلبداع األديب والفني والثقايف وتوفر وسائل التشجيع الالزمة لتحقيق ذلك«وذلك قياسا عىل نص الفقرتني األوىل بند أ ب والثالثة من املادة 15 من العهد الدويل للحقوق االقتصادية واالجتامعية التي نص ت عىل أن»تقر الدول األطراف يف هذا العهد بأن من حق كل فرد: أ- أن يشارك يف الحياة الثقافية. ب- أن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته. 3- تتعهد الدول األطراف يف هذا العهد باحرتام الحرية التي ال غنى عنها للبحث العلمي والنشاط اإلبداعي. إذ ال ميكن التمتع بحرية البحث العلمي واإلبداع دون أن تكون املعلومات متاحة باعتبارها حجر األساس لكل نشاط بحثي أو إبداعي خاصة املعلومات التي تحوزها الجهات الحكومية. رابعا: حرية تداول املعلومات يف ظل اإلعالن الدستوري الصادر يف 13 فرباير 2011 تجاهل اإلعالن الدستوري الصادر بعد ثورة 25 يناير النص بشكل مستقل عىل حرية تداول املعلومات وكرر ذات التوجه الذي كان عليه دستور 1971 حيث نص ت الفقرة الثانية من املادة 12 من اإلعالن الدستوري )املقابلة لنص املادة 47 من دستور 1971 الساقط( عىل أن»حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبري عن رأيه ونرشه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غري ذلك من وسائل التعبري يف حدود القانون والنقد الذايت والنقد البن اء ضامن لسالمة البناء الوطني«. كام نص ت املادة )13( )املقابلة لنص املادة 48 من الدستور الساقط( عىل أن»حرية الصحافة والطباعة والنرش و وسائل اإلعالم مكفولة, والرقابة عىل الصحف محظورة, وإنذارها أو وقفها أوإلغاؤها بالطريق اإلداري محظور...«. كذلك مل يتضمن اإلعالن الدستوري النص عىل حق الصحفيني يف الحصول عىل املعلومات كام كان الحال يف دستور 1971 وهو ما يعترب تراجعا يف االهتامم بحرية تداول املعلومات من ناحية إدراجها يف ترشيع أسايس كاإلعالن الدستوري.»الحماية الدستورية لحرية تداول المعلومات«

16 16 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( خامسا: االستثناءات الواردة يف كل من دستور 1971 ودستور االستثناءات الخاصة تضمن دستور 1971 ودستور 2012 حامية لح رمة الحياة الخاصة وللمعلومات املتعلقة بها وكذلك حامية األشخاص من اإلدالء أو االعرتاف مبعلومات تحت اإلكراه املادي أو املعنوي وباعتبار ذلك استثناء عىل حرية تداول املعلومات. فسوف نستعرض ما تضمنه كال من الدستورين بهذا الصدد. نص ت املادة 45 من دستور 1971 عىل أن»لحياة املواطنني الخاصة ح رمة يحميها القانون. وللمراسالت الربيدية والربقية واملحادثات التليفونية وغريها من وسائل االتصال ح رمة ورسيتها مكفولة وال تجوز مصادرتها أواالطالع عليها أو رقابتها إال بأمر قضايئ مسبب وملدة محددة ووفقا ألحكام القانون«وهو ذات ما نص ت عليه املادة 11 من اإلعالن الدستوري الحايل. كام نص ت املادة 42 من دستور 1971 الساقط عىل أن»كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته مبا يحفظ عليه كرامة اإلنسان وال يجوز إيذائه بدنيا أو معنويا كام ال يجوز حجزه أو حبسه يف غري األماكن الخاضعة للقوانني الصادرة بتنظيم السجون. وكل قول يثبت إنه صدر من مواطن تحت وطأة يشء مام تقدم أو التهديد بيشء منه يهدر وال يعود عليه. والنص السابق يقابل نص املادة 36 من دستور 2012 ويستفاد من هذه النصوص جميعا أن هناك استثناءين رئيسيني يتعلق أولهام بخصوصية األفراد وعدم جواز اقتحام مراسالتهم الربيدية أو محادثاتهم التليفونية أو غريها من وسائل االتصال إال يف حدود قانونية معينة ويتعلق الثاين بعدم جواز إجبار أحد عىل اإلدالء مبعلومات معينة تحت وطأة اإليذاء البدين أو املعنوي ويف حالة حدوث ذلك ال يعتد بأي معلومات انتزعت تحت هذه الظروف. 2- االستثناءات العامة بالتمعن يف نصوص املواد من دستور 1971 واملادة 47 من دستور 2012 نجد أنها تنتهي بعبارة»يف حدود القانون«أو تتضمن عبارة»وينظم القانون«وهذه العبارة تشري إىل أن مامرسة الحريات املنصوص عليها يف هذه املواد سواء حرية الرأي والتعبري أو حق الصحفيني يف الحصول عىل املعلومات مقيدة بأن تكون هذه املامرسة يف حدود القوانني والترشيعات األدىن يف املرتبة الترشيعية من الدستور. ذلك القيد مل يرد يف جميع نصوص الدستور بل جاءت بعض الحريات األخرى غري مقيدة بعبارة»يف حدود القانون وجاء نوع ثالث من الحريات مقيد بقانون مع إلزام املرشع بضوابط معينة ينص عليها النص الدستوري ذاته«. من ثم نستنتج أن الحقوق والحريات الدستورية تنقسم إىل ثالث طوائف تأيت حرية تداول املعلومات )كجزء من حرية الرأي والتعبري( ضمن طائفة الحريات التي ينظمها القانون و«التنظيم«هنا يقصد بها»الحماية الدستورية لحرية تداول المعلومات«

17 17 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( تدخل املرشع لضامن عدم تعارض مامرسة هذه الحرية مع حقوق وحريات أخرى يحميها الدستور أو األنواع الترشيعية األدىن وإحالة تنظيم الحق إىل القانون بحيث يجب أن تأيت مامرسة األفراد يف حدود ما استقر عليه الترشيع األدىن وتكمن اإلشكالية الرئيسية يف أن امل رشع املرصي استغل هذا التمكني الذي خو له إياه الدستور وأثقل حرية تداول املعلومات بنصوص عديدة ومتفرقة بل بقوانني كاملة كانت سببا رئيسيا يف إعاقة هذا الحق األصيل وذلك عىل النحو الذي سوف نوضحه يف الجزء الخاص بحرية تداول املعلومات يف الترشيعات املرصية. سادسا: الرضورة االجتامعية كمعيار دستوري لالستثناء عىل حرية تداول املعلومات إن خرق االستثناءات الواردة عىل حرية تداول املعلومات يف الترشيعات املرصية املختلفة يستتبعه التجريم والعقاب عىل سبيل املثال القيود الواردة عىل تداول أنواع معينة من املطبوعات يف القانون رقم 20 لسنة 1936 وكذلك القانون 162 لسنة 1958 املعروف باسم قانون الطوارئ والقانون رقم 356 لسنة 1954 بشأن إنشاء دار الكتب والوثائق التاريخية والقانون رقم 121 لسنة 1975 بشأن املحافظة عىل الوثائق الرسمية للدولة وتنظيم أسلوب نرشها وقانون املخابرات العامة رقم 100 لسنة 1971 والقانون رقم 313 لسنة 1956 املعدل بالقانون 14 لسنة 1967 بحظر نرش أي أخبار عن القوات املسلحة كل هذه القوانني وغريها تتضمن قيود يرتتب عىل تجاوزها تجريم املتجاوز وعقابه وهو ما يعني بالنسبة لهذه للدراسة أنه ينبغي وزن التجريم الوارد يف هذه القوانني مبيزان»الرضورة والتناسب«كأساس دستوري ال يجوز االنحراف عنه حال تنظيم هذه القيود وينبع مفهوم الرضورة والتناسب من أن النظام القانوين يقوم عىل التوازن بني الحقوق والحريات من جهة وبني املصلحة العامة من جهة أخرى وهو ما يتحقق بالتناسب بني حامية كل من االثنني وال يتحقق عندما تجور الحامية املقررة ألحدهام عىل اآلخرى وتتحدد الرضورة يف التجريم يف ضوء الهدف منه وال ميكن السامح باملساس بالحقوق والحريات من خالل التجريم إال إذا اقتىض ذلك حامية حقوق وحريات اآلخرين 10 ويف مجال حرية تداول املعلومات يعني مبدأ الرضورة والتناسب أي قيود يفرضها القانون عىل حرية تداول املعلومات يجب أن تكون مربرة يف نطاق هذا املبدأ مبعنى أنه يجب أن تكون هناك رضورة اجتامعية ملحة تستوجب تقييد هذه الحرية كأن يتعارض مامرستها مع حق األفراد يف الخصوصية وذلك باعتبار الخصوصية حق يحميه القانون. وقد سلك الفقه الدويل االتجاه ذاته حيث اتخذ منظري قوانني حرية تداول املعلومات معيارا أساسيا لالستثناءات التي ترد عىل حرية تداول املعلومات وهو املسمى باالختبار ثاليث األقسام ويتكون من ثالثة أجزاء: 1- يجب أن يرتبط كشف املعلومات بالهدف الرشعي املذكور يف القانون. 2- أن يكون الكشف عن املعلومات يرتتب عليه اإلرضار بحق يحميه القانون. 3- كام يجب أن يكون الرضر الذي سوف يرتتب عىل اإلفصاح عن املعلومات أكرب من املصلحة العامة التي 10- أحمد فتحي رسور القانون الجنايئ الدستوري دار الرشوق 2006 ص 152 وما بعدها.»الحماية الدستورية لحرية تداول المعلومات«

18 18 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( سوف ترتتب عىل الحصول عىل املعلومات. سابعا: استنتاج يتضح من املالحظات السابقة أن املرشع التأسييس )الدستوري( أرص يف التجارب الدستورية السابقة كافة عىل تقييد حرية تداول املعلومات والبيانات واإلحصائات والوثائق وذلك باملخالفة للمعايري الدولية التي تلزم بأن تكون االستثناءات الواردة عىل الحق يف الحصول عىل املعلومات يف أضيق الحدود.»الحماية الدستورية لحرية تداول المعلومات«

19 القسم الثاني المعايير الدولية لحرية تداول المعلومات

20 20 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( أوال: حرية تداول املعلومات يف املواثيق الدولية الرئيسية 12,11 1- اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان تعترب املادة 19 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان األساس القانوين األول لحرية تداول املعلومات حيث تضمنت الحامية املكفولة لحرية الرأي والتعبري املنصوص عليها يف املادة 19 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان الحق يف حرية تداول املعلومات وذلك يف ثالثة نطاقات رئيسية. النطاق األول ملامرسة هذا الحق هو الحق يف التامس املعلومات سواء أخذت هذه املعلومات صيغة األنباء أم أخذت صيغة األفكار أما النطاق الثاين فهو الحق يف تلقي املعلومات أي استالمها من الغري والثالث هو الحق يف نقل املعلومات أي نرشها أو إذاعتها. وقد جاء النص غري مقيد ملامرسة هذا الحق بنطاق مكاين معني بل أنه أكد عىل عدم اعتبار الحدود كذلك مل يقرص النطاقات الثالثة ملامرسة الحق عىل العالقة بني األفراد والجهات الحكومية بل جاء عاما بحيث يشمل حق األفراد يف استقاء املعلومات واملعرفة سواء كانت لدى جهات حكومية أو غري حكومية أو أفراد. أهم ما مييز نصا ملادة 19 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان يف معرض حامية تداول املعلومات أنه مل يقيد مامرسة هذا الحق بأي قيود وهو ما تجاوزته املواثيق الدولية التي تلته عىل النحو القادم. 14,13 2- العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية أقرت املادة 19 من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية الحق يف املعرفة وحرية تداول املعلومات بطريقة مشابهة ملا جاءت به املادة 19 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان من حيث نطاق مامرسة الحق وعدم اعتبار الحدود الجغرافية أو نوع الوسيلة املستخدمة إال أن نص املادة 19 من العهد الدويل قيد 11- اعتمد ونرش عىل املأل مبوجب قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة 217 ألف )د- 3 ( املؤرخ يف 10 كانون األول/ديسمرب نص املادة 19 من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان»لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبري ويشمل هذا الحق حريته يف اعتناق اآلراء دون مضايقة ويف التامس األنباء واألفكار وتلقيها ونقلها إىل اآلخرين بأي وسيلة ودومنا اعتبار للحدود«. 13- اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق واالنضامم مبوجب قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة 2200 ألف )د- 21 ( املؤرخ يف 16 كانون/ديسمرب 1966 تاريخ بدءالنفاذ: 23 آذار/مارس 1976 وفقا للامدة نص املادة 19 من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية»1. لكل إنسان حق يف اعتناق آراء دون مضايقة. 2. لكل إنسان حق يف حرية التعبري. ويشمل هذا الحق حريته يف التامس مختلف رضوب املعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها إىل آخرين دومنا اعتبار للحدود سواء عىل شكل مكتوب أو مطبوع أو يف قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها. 3. تستتبع مامرسة الحقوق املنصوص عليها يف الفقرة 2 من هذه املادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعىل ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن رشيطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون رضورية: )أ( الحرتام حقوق اآلخرين أو سمعتهم. )ب( لحامية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب العامة.»المعايير الدولية لحرية تداول المعلومات«

21 21 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( مامرسة هذا الحق بعدة قيود: القيد األول احرتام حقوق اآلخرين. القيد الثاين احرتام س معة اآلخرين. القيد الثالث حامية األمن القومي. القيد الرابع حامية النظام العام. القيد الخامس حامية الصحة العامة. القيد السادس حامية اآلداب العامة. وقد حدد نص املادة 19 من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية نطاقا واضحا لتطبيق االستثناءات السابقة وهو أن تكون منصوص عليها مبوجب قانون وأن تكون رضورية. إال أن نص املادة 19 من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية يؤخذ عليه أنه كرر نفس اإلشكالية التي تنتاب ترشيعات الكثري من الدول الدميقراطية واالستبدادية عىل السواء وهو أنه مل يضع تعريفات واضحة لالستثناءات الواردة عىل حرية تداول املعلومات لكل من األمن القومي والنظام العام واآلداب العامة. 16,15 3- العهد الدويل للحقوق االقتصادية واالجتامعية أكدت الفقرتني األوىل بند أ ب والثالثة من املادة 15 من العهد الدويل للحقوق االقتصادية واالجتامعية عىل الحق يف املعرفة واستقاء املعلومات ولكن بصيغة مختلفة عن تلك التي وردت يف كل من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان والعهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية حيث جاءت الصيغة هنا ملموسة ومحددة أكرث ويبني ذلك من تأكيد املادة 15 عىل حق كل فرد يف املشاركة يف الحياة الثقافية والتمتع بفوائد التقدم العلمي والتكنولوجي وهو ما يدخل يف نطاق طلب املعرفة والتامس املعلومات كذلك إلزام الدول األطراف يف هذا العهد مبوجب الفقرة الثالثة منه باحرتام الحرية التي ال غنى عنها للبحث العلمي والنشاط اإلبداعي ومن البديهي أن هذين املجالني ال ميكن الولوج إليهام دون أن يكون الحق يف املعرفة وحرية تداول املعلومات املكفولتان من جانب الدول األطراف يف هذا العهد والتي من بينها مرص بشكل خاص مع امتالك الحكومات للمصادر األساسية للمعلومات وسيطرتها عىل وسائل نرشها وإتاحتها. 15- اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق واالنضامم مبوجب قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة 2200 ألف )د- 21 ( املؤرخ يف 16 كانون األول/ديسمرب 1966 تاريخ بدء النفاذ: 3 كانون الثاين/يناير 1976 وفقا للامدة املادة 15 من العهد الدويل للحقوق االقتصادية واالجتامعية»تقر الدول األطراف يف هذا العهد بأن من حق كل فرد: )أ( أن يشارك يف الحياة الثقافية. )ب(أن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته. )ج( أن يفيد من حامية املصالح املعنوية واملادية الناجمة عن أي أثر علمي أو فني أو أديب من صنعه. 2. تراعي الدول األطراف يف هذا العهد يف التدابري التي ستتخذها بغية ضامن املامرسة الكاملة لهذا الحق أن تشمل تلك التدابري التي تتطلبها صيانة العلم والثقافة وإمناؤها وإشاعتهام. 3. تتعهد الدول األطراف يف هذا العهد باحرتام الحرية التي ال غنى عنها للبحث العلمي والنشاط اإلبداعي. 4. تقر الدول األطراف يف هذا العهد بالفوائد التي تجني من تشجيع وإمناء االتصال والتعاون الدوليني يف ميداين العلم والثقافة.»المعايير الدولية لحرية تداول المعلومات«

22 22 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( ثانيا: حرية تداول املعلومات يف نظام األمم املتحدة 1- الجمعية العامة ملنظمة األمم املتحدة اعرتفت منظمة األمم املتحدة مبكرا بحرية تداول املعلومات كحق من حقوق اإلنسان وذلك مبوجب القرار رقم 1/59 الذي تبنته الجمعية العامة عام 1946 يف انعقادها األول والذي نص عىل أن»حرية املعلومات حق أسايس من حقوق اإلنسان وأنها املحك لكل الحريات األخرى التي تتبناها منظمة األمم املتحدة«. 2- املقرر الخاص لحرية الرأي والتعبري باألمم املتحدة أنشأ مكتب املقرر الخاص لحرية الرأي والتعبري بقرار من مفوضية األمم املتحدة لحقوق اإلنسان عام 1993 والذي تتلخص مهمته يف توضيح املحتوى الحقيقي لحرية الرأي والتعبري املنصوص عليها يف العديد من املواثيق الدولية وقد أكد املقرر الخاص لحرية والرأي والتعبري عىل حرية تداول املعلومات كحق أسايس من حقوق اإلنسان وجزء ال يتجزأ من حرية والرأي والتعبري يف كل التقارير السنوية الصادرة عنه وقد أصدرت مفوضية األمم املتحدة لحقوق اإلنسان القرار رقم 42 لسنة 1998 والذي أكدت مبوجبه عىل املقرر الخاص أن يتوسع ويطور من تعليقاته وتوصياته عىل الحق يف التامس وتلقي ونقل املعلومات. يف تقريره لعام أكد املقرر الخاص عىل أن حرية الرأي والتعبري تتضمن حرية الحصول عىل املعلومات وأن الحق يف التامس وتلقي ونقل املعلومات يفرض عىل الدول التزاما إيجابيا خاصة إذا تعلق األمر باملعلومات التي لدى األجهزة الحكومية. وقد رحبت مفوضية حقوق اإلنسان بهذه التوصية أميا ترحيب. 18 كذلك أكد املقرر الخاص يف هذا التقرير عىل عدة جوانب فيام يتعلق بالحق يف املعرفة وحرية تداول املعلومات أهمها: أ إن حرية الصحافة خطوة حيوية لضامن التدفق الحر للمعلومات وحرية الرأي والتعبري وأنه من الواجبات األساسية عىل الدولة أن تكون هي الضامن لها وأن كل حق يحمل يف طياته مسئولية وأن كل حرية تحمل يف طياتها التزام وأن الصحافة مؤثر قوى سواء تعلق األمر بالخري أو بالرش وأنه يجب أن يرتك للصحافة ذاتها تقرير ماهي مسئوليتها وماهي واجباتها حيث إنه أينام تكون حرية الصحافة مستهدفة أو مقل صة ال يستطيع الناس التعبري عن اختالفهم من خالل املناظرات املفتوحة. ب- إن املقرر الخاص لحرية الرأي والتعبري مستمر يف تلقي الشكاوى املتعلقة بالتحيز يف البث واإلذاعة الذي يقيد بشدة أو ينتهك حرية التامس وتلقي ونقل املعلومات. ج-...د-... إلخ. 17. Report of the Special Rapporteur, Promotion and protection of the right to freedom of opinion and expression, UN Doc. E/ CN.4/1998/40, 28 January 1998, para , Toby Mandel - Freedom of Information: A Comparative Legal Survey. CHAPTER 1- International Standards and Trends.»المعايير الدولية لحرية تداول المعلومات«

23 23 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( كذلك أكد املقرر الخاص يف تقريره لعام عىل حرية تداول املعلومات واملعرفة بوصفها ليست فقط دعامة أساسية من دعائم الدميقراطية ولكنها أيضا أساس املشاركة والتنمية. توسع املقرر الخاص يف األمم املتحدة بشكل كبري يف رشحه حول حرية املعلومات يف تقريره السنوي إىل اللجنة عام 2002 حيث أشار إىل أهميتها األساسية ليس بالنسبة إىل الدميقراطية والحرية فحسب بل للحق باملشاركة وتحقيق حق التنمية. كام أكد قلقه بشأن توجه الحكومات واملؤسسات الحكومية نحو منع الناس من الحصول عىل املعلومات التي من حقهم الحصول عليها. ثالثا: حرية تداول املعلومات يف األنظمة اإلقليمية واملقارنة 1- حرية تداول املعلومات يف نظام منظمة الدول األمريكية عىل أن: 20 نصت املادة 13 من امليثاق األمرييك لحقوق اإلنسان املسمى مبيثاق»سان جوزيهكل شخص يتمتع بالحق يف حرية الفكر والتعبري وهذا الحق يشمل الحق يف التامس وتلقي ونقل املعلومات واألفكار أيا كان نوعها ودومنا اعتبار للحدود وسواء كانت شفوية أو مكتوبة أو مطبوعة أو يف قالب فني أو من خالل أي وسيلة أخرى يختارها الفرد«. الحقوق املنصوص عليها يف الفقرة السابقة ال يجوز أن تخضع لرقابة سابقة ولكنها تخضع للمسئولية الالحقة التي يجب أن ينصعليها رصاحة مبوجب القانون وبالقدر الالزم لضامن: 1- احرتام س معة اآلخرين. 2- حامية األمن القومي والنظام العام والصحة العامة واألخالق... ويتضح من نص املادة 13 سالفة الذكر أنها وضعت تنظيام ملامرسة الحق مبنع فرض رقابة مسبقة عىل إتيان الفعل وبرتتيب املسئولية القانونية الالحقة عىل إتيان الفعل يف حق الفاعل إذا أىت أمرا من شأنه اإلخالل بس معة اآلخرين أو باألمن القومي أو النظام العام... وقد فرست محكمة الدول األمريكية لحقوق اإلنسان نص املادة 13 من امليثاق األمرييك لحقوق اإلنسان عام 1985 مبوجب آلية الرأي االستشاري الذي تتمتع به 21 بأن 22 هؤالء املخاطبني بنص املادة 13 من امليثاق األمرييك لحقوق اإلنسان ال يتمتعون فقط بحرية التعبري عن آرائهم الخاصة بل أيضا يتمتعون بحرية التامس وتلقي ونقل املعلومات واألفكار أيا كان نوعها وأن حرية الرأي والتعبري تتطلب من ناحية أوىل أال مينع أحد 19. Report of the Special Rapporteur, Promotion and protection of the right to freedom of opinion and expression, UN Doc. E/ CN.4/2000/63, 18 January 2000, para تم تبني امليثاق األمرييك لحقوق اإلنسان من الدول األعضاء يف منظمة الدول األمريكية يف مدينة سان جوزيه بدولة سرييالنكا عام 1969 ودخل حيز التنفيذ يف 18 يوليو آلية الرأي االستشاري يف محكمة الدول األمريكية لحقوق اإلنسان هي آلية شبيهة بالفتاوى التي تصدرها الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والترشيع مبجلس الدولة املرصي. 22. Compulsory Membership in an Association Prescribed by Law for the Practice of Journalism, Advisory Opinion OC-5/85, 13 November 1985, para. 30.»المعايير الدولية لحرية تداول المعلومات«

24 24 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( من التعبري عن رأيه الخاص بشكل تعسفي ومن ناحية أخرى فهي تعني حق األفراد يف تلقي املعلومات أيا كانت. كام قررت محكمة الدول األمريكية لحقوق اإلنسان أنه»من املهم بالنسبة للمواطن العادي أن يعرف آراء اآلخرين وأن يتمتع بالحق يف إتاحة املعلومات بشكل عام وخصوصا الحق يف نقل آراءه لآلخرين.. وقد انتهت املحكمة إىل أن املجتمع غري امل طل ع ليس مجتمع حر«. 2- حرية تداول املعلومات يف نظام املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان أ نشئت املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ضمن اآلليات التي وضعها»مجلس أوروبا«لحامية حقوق اإلنسان ومجلس أوروبا هو منظمة حكومية تحتضن 43 دولة أوروبية تهدف إىل الرتويج ملبادئ حقوق اإلنسان والتعليم والثقافة وتعترب من إحدى أهم الوثائق القانونية التي أصدرها مجلس أوروبا»امليثاق األورويب لحامية حقوق اإلنسان وحرياته األساسية«والذي نص في املادة العارشة منه عىل أن»لكل إنسان الحق يف حرية التعبري. هذا الحق يشمل حرية اعتناق اآلراء وتلقي وتقديم املعلومات واألفكار دون تدخل من السلطة العامة وبرصف النظر عن الحدود الدولية«. وقد فرس ت املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان حرية تداول املعلومات يف العديد من أحكامها وعىل سبيل املثال الحكم الصادر يف الدعوى املقامة من إحدى منظامت حقوق اإلنسان ضد دولة هنجاريا 23 الصادر يف 14 أبريل 2009 وتتلخص وقائع هذه الدعوى يف قيام أحد أعضاء الربملان بدولة هنجاريا بتقديم شكوى إىل املحكمة الدستورية تتعلق بقانون املخدرات املطروح أمامها قبل دخوله حيز التنفيذ وقد علمت إحدى منظامت حقوق اإلنسان الهنجارية بهذه الشكوى فتقدمت إىل املحكمة الدستورية للحصول عىل نسخة من مرشوع القانون سالف الذكر وقد رفضت املحكمة هذا الطلب وقد أسست رفضها عىل أساس أن اإلفصاح عن أي معلومات يتطلب إذن مسبق من مقدم هذه املعلومات والوثائق وقد قضت املحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان بأن هذا القرار يعترب عائق أمام منظامت حقوق اإلنسان فيام يتعلق بحقها يف الحصول عىل املعلومات املنصوص عليه يف املادة 10 من امليثاق األورويب لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية الالزم لتمكينها من القيام بدورها كمراقب لحالة حقوق اإلنسان. 3- حرية تداول املعلومات يف النظام اإلفريقي لحامية حقوق اإلنسان تبنت اللجنة اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب إعالن مبادئ حرية التعبري يف دورة انعقادها الثانية والثالثني عام 2002 وقد أي د هذا اإلعالن بوضوح الحق يف إتاحة املعلومات مقررا اآليت: 1. إن الجهات العامة ال تحتفظ باملعلومات لنفسها بل كنائب عن الصالح العام وكل فرد يتمتع بالحق يف إتاحة املعلومات الدولية لحرية تداول المعلومات«

25 25 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( 2. سيتم ضامن حق الحصول عىل املعلومات من قبل القانون مبوجب املبادئ اآلتية: يحق للجميع الحصول عىل املعلومات التي تحتفظ بها جهات عامة. يحق للجميع الحصول عىل املعلومات التي تحتفظ بها جهات خاصة إذا كان ذلك األمر رضوريا ملامرسة أي حق أو حاميته. سيكون أي رفض لكشف املعلومات خاضعا للتقدم بالتامس إىل أي جهة مستقلة و/أوإىل املحاكم. سيكون مطلوبا من الجهات العامة حتى يف حال عدم وجود أي طلب لذلك نرش املعلومات الهامة بشكل فاعل والتي تعترب ذات أهمية للمصلحة العامة. لن يكون أي شخص عرضة ألي عقوبات لنرشه معلومات عن حسن نية حول تجاوز ما أو ما من شأنه الكشف عن تهديد خطري للصحة أو السالمة العامة أو سالمة البيئة إال إذا كان فرض عقوبات يخدم مصلحة مرشوعة ويعترب أمرا رضوريا يف أي مجتمع دميقراطي. يتم تعديل القوانني املتعلقة بالخصوصية إذا اقتضت الرضورة ذلك لاللتزام مببادئ حرية املعلومات. 3. يتمتع الجميع بحق الحصول عىل معلوماتهم الشخصية وتحديثها وبطريقة ما تصحيحها سواء أكانت تحتفظ بها جهات عامة أم خاصة. كام تنص املادة 9 من امليثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب 24 عىل أن: 1. من حق كل فرد أن يحصل عىل املعلومات. 2. يحق لكل إنسان أن يعرب عن أفكاره وينرشها يف إطار القوانني واللوائح. والفقرة األوىل من املادة التاسعة من امليثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب التي تكفل حق األفراد يف تلقي املعلومات مل ت حيل تنظيم مامرسة هذا الحق إىل القوانني املحلية كام مل تقيد النفاذ إليه بقيود محددة عىل عكس ما ورد يف الفقرة الثانية من ذات املادة التي نظمت حرية التعبري مبا يتفق مع القوانني واللوائح التي تصدرها الدول األطراف يف امليثاق. رابعا: مبادئ منظمة املادة 19 املتعلقة بحرية تداول املعلومات عملت منظمة املادة 19 عىل بلورة عدد من املبادئ املتعلقة بحرية تداول املعلومات كمعايري أساسية ميكن االسرتشاد بها حال صياغة الترشيعات املنظمة لحرية تداول املعلومات من حيث حدود اإلتاحة واالستثناءات ودور الحكومة يف تعزيز الحق يف الحصول عىل املعلومات وتستند هذه املبادئ إىل قوانني وقواعد إقليمية ودولية تطور ر مامرسة الدولة )كام ع ربر عنها من بني أمور أخرى يف القوانني الوطنية وأحكام املحاكم الوطنية( إضافة إىل املبادئ العامة للقانون التي تعرتف بها دول عديدة. كام تستند هذه املبادئ -نتيجة دراسات طويلة وتحاليل واستشارات ت رشف منظمة املاد ة 19 عليها- إىل الخربة الواسعة والعمل الشامل مع منظامت حقوقية يف عدد من بلدان العامل. وقد تبنى املقرر الخاص لحرية الرأي والتعبري باألمم املتحدة هذه املبادئ يف تقريره لعام 2000 كام صد ق عليها املقرر الخاص لحرية الرأي والتعبري التابع ملنظمة الدول األمريكية يف تقريره لعام متت إجازته من قبل مجلس الرؤساء األفارقة بدورته العادية رقم 18 يف نريويب )كينيا( يونيو 1981.»المعايير الدولية لحرية تداول المعلومات«

26 26 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( املبدأ األول: اإلفصاح املطلق عن املعلومات يستند هذا املبدأ إىل أن القاعدة العامة هي أن لكل فرد الحق يف الحصول عىل املعلومات التي تحوزها الجهات الحكومية إال إذا كانت هذه املعلومات واردة ضمن نطاق االستثناءات املقيدة لهذا الحق كام يفرتض مبدأ اإلفصاح املطلق أنه ليس بالرضورة أن يتمتع طالب املعلومات بحيثية معينة أو اهتامم معني باملعلومات حتى ميكنه الحصول عليها وأن عىل الحكومة إذا رفضت اإلفصاح عن معلومات معينة أن تربر رفضها بطريقة واضحة يف كل مرحلة من مراحل إجراءات طلب الحصول عىل املعلومات. ويوجب هذا املبدأ أيضا رضورة أن تفرس»املعلومات«و»الجهات الحكومية«أوسع تفسري ممكن بحيث تشمل املعلومات جميع الوثائق التي تحتفظ الجهة الحكومية بها برصف النظر عن الحالة التي ت حفظ فيها )وثيقة رشيط تسجيالت إليكرتونية... إلخ( وأيا كان مصدرها )إذا كانت مقدمة من قبل جهة حكومية أو من قبل أية هيئة أخرى(. كام يجب تفسري الجهات الحكومية بحيث تشمل املستويات املحلي ة والهيئات املنتخبة والهيئات املعينة إضافة إىل رشكات القطاع العام والهيئات غري اإلدارية والهيئات القضائية وغريها من الجهات التي من املمكن أن تحوز معلومات يرتتب عىل اإلفصاح عنها تحقيق املصلحة العامة. كام تضمن هذا املبدأ رضورة وضع عقوبات رادعة ضد االمتناع عن اإلفصاح الوجويب عن املعلومات أو اإلتالف العمدي للوثائق وكذلك إلزام الجهات الحكومية بأن تخصص مصادر مالية كافية واهتامما يضمن حفظ الوثائق العامة عىل نحو مناسب. إضافة إىل ذلك ومن أجل منع أي محاولة للتالعب يف هذه الوثائق أو التعديل فيها تلتزم الجهات الحكومية بالكشف عن هذه الوثائق نفسها وليس كشف املعلومات التي تتضمنها فقط. املبدأ الثاين: وجوب النرش تلتزم الجهات الحكومية مبوجب هذا املبدأ ليس فقط باإلفصاح عن املعلومات عند طلبها ولكن أيضا بالنرش الروتيني والتلقايئ ألصناف معينة من املعلومات عىل سبيل املثال: معلومات إدارية حول سبل عمل الجهة الحكومية تتضمن التكاليف واألهداف والحسابات املدققة والقواعد واإلنجازات... إلخ خاصة عندما تكون الجهة الحكومية تقوم بتقديم خدمات مبارشة للشعب. معلومات حول كل طلب أو شكوى أو عمل مبارش ميكن أن يرى املواطنني أنه عىل عالقة بالجهة الحكومية. توجيهات تتعل ق بإجراءات يستطيع األفراد عىل أساسها املشاركة يف السياسة العام ة ومشاريع القوانني. أنواع املعلومات التي تحتفظ الجهات الحكومية بها والحاالت التي ت حفظ بها. مضمون أي قرار أو سياسة قد يؤث ران يف الشعب مع إظهار أسباب اتخاذ القرار وخلفية املواد املهم ة التي استعملت لصياغته.»المعايير الدولية لحرية تداول المعلومات«

27 27 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( املبدأ الثالث: الرتويج للحكومة املنفتحة واملقصود بهذا املبدأ أن هناك التزام ا يقع عىل الجهات الحكومية برضورة الرتويج لثقافة اإلفصاح عن املعلومات والرتويج ألهداف الترشيع املتعلق بحرية تداول املعلومات من خالل استخدام الوسائل األرسع واألكرث انتشارا يف الوصول إىل الجامهري. كام تلتزم الجهات الحكومية مبكافحة ثقافة الرسية الرائجة بني املوظفني العموميني من خالل تدريبهم عىل ثقافة اإلفصاح عن املعلومات وضوابط الرسية ومقتضياتها. املبدأ الرابع: نطاق االستثناءات املحدود يقيض هذا املبدأ بأنه عىل الجهات الحكومية أن تستجيب لجميع الطلبات الفردية للحصول عىل املعلومات إال إذا ارتأت الجهة أن هذه املعلومات تقع ضمن نطاق االستثناءات املحدود. وال ميكن رفض كشف املعلومات إال إذا أثبتت الجهة الحكومية أن املعلومات املطلوبة تتوافق مع املعيار املسمى ب)االختبار الصارم الثاليث األقسام( والذي يتضمن اآليت: - يجب أن يرتبط اإلفصاح عن املعلومات بالهدف الرشعي املذكور يف القانون. - أن يكون اإلفصاح عن املعلومات ضارا بالهدف من إبقاء هذه املعلومات رسية. - أن يكون الرضر املرتتب عن اإلفصاح يفوق املصلحة العامة التي قد تتحقق منه. املبدأ الخامس: إجراءات تسهيل الوصول إىل املعلومات تتضمن تلك اإلجراءات أن تقوم الجهة الحكومية باتخاذ كل ما من شأنه تسهيل االطالع عن املعلومات مبا يتضمنه ذلك من مساعدة طالب املعلومات يف صياغة طلبه بشكل واضح إذا كان غامضا أو مفرطا يف الرصاحة كام تتضمن تسهيل الحصول عىل املعلومات لألميني ولذوي اإلعاقة واملتحدثون بلغات تختلف عن لغة الوثيقة املطلوبة. كذلك يجب وضع نظام يتضمن استئناف رفض طلب اإلفصاح عن املعلومات لدى جهة مستقلة عن الجهة الحكومية التي رفضت اإلفصاح وكذلك حق النفاذ إىل القضاء للطعن عىل قرارات رفض اإلفصاح عن املعلومات. املبدأ السادس: التكاليف يجب أال تكون التكلفة املالية للوصول إىل املعلومات التي تحتفظ الجهات الحكومية بها باهظة عىل نحو يردع الناس عن التقدم بطلبات للوصول إىل املعلومات. وبحيث ال تتخطى التكلفة الفعلية لنسخ املعلومات. املبدأ السابع: االجتامعات املفتوحة للعامة تتضم ن حري ة االطالع حق األفراد يف معرفة العمل الذي تقوم الحكومة به نيابة عنه كام يحق له املشاركة يف عمليات اتخاذ القرار. لذلك عىل الترشيع املتعل ق بحرية تداول املعلومات أن يستند إىل وجوب فتح اجتامعات الجهات الحكومية املعينة واملنتخبة أمام الجمهور.»المعايير الدولية لحرية تداول المعلومات«

28 28 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( املبدأ الثامن: أسبقية الكشف ويقيض هذا املبدأ برضورة أن تفرس جميع القوانني الوطنية والقرارات اإلدارية يف ضوء الترشيع املتعلق بحرية تداول املعلومات ويف حالة تعذر التوفيق يجب أن تخضع جميع الترشيعات والقرارات السابقة عىل ترشيع حرية تداول املعلومات إىل املبادئ الواردة يف هذا الترشيع سواء املتعلقة باإلفصاح أو باالستثناءات. إضافة إىل ذلك يجب حامية املوظفني من العقوبات يف حال إفصاحهم عن أي معلومات وفقا ملبادئ حرية تداول املعلومات وضمن حدود املعقول وبحسن ني ة حتى ولو اتضح بعد ذلك أن هذه املعلومات ليست محال لإلفصاح. املبدأ التاسع: حامية امل بل غ باملعلومات يجب حامية األفراد من أي عقوبات قانونية أو إدارية أو تأديبية لكونهم أفشوا معلومات حول مخالفات تتعلق باقرتاف جرم أو عدم االلتزام بالقانون أو عدم إحقاق الحق أو تلقي رشوة أو يف حال عدم األمانة واإلساءة يف استعامل السلطة أو حاالت التهديد الخطري للصحة أو للسالمة أو للبيئة... إلخ. كذلك يقيض هذا املبدأ بأنه يجب أن يستفيد املبلغني من الحامية ما داموا يعملون بحسن نية وبناء عىل اعتقاد مربر بأن املعلومات كانت صحيحة إىل حد كبري وأنها كشفت دالئل حول مخالفة محددة للقانون.»المعايير الدولية لحرية تداول المعلومات«

29 القسم الثالث المعلومات في التشريعات المصرية

30 30 حرية تداول المعلومات )دراسة قانونية( أوال: الصحافة وحرية تداول املعلومات ت عد الصحافة إحدى أهم وسائل الحصول عىل املعلومات ونقلها وتداولها وقد شك لت عىل مدار عقود طويلة الوسيلة األكرث فاعلية يف إحاطة الرأي العام علام مبا يحدث يف املجتمع من خالل نرش املعلومات واإلحصاءات واألخبار. ويعرف جانب من الفقه القانوين املرصي حق الصحفي يف الحصول عىل املعلومات بأنه»متكني الصحفي من مصادر األخبار واملعلومات واإلحصاءات واالستفسار عنها واالطالع عىل كافة الوثائق الرسمية غري املحظورة وذلك دون عائق يحول بينه وبني حرية تدفق املعلومات أو يحول دون تكافؤ الفرص بينه وبني زمالئه يف جميع الصحف«. 25 ويستمد الصحفي حقه يف الحصول عىل املعلومات ونرشها من حق اإلنسان يف املعرفة إذ متثل الصحافة الجرس بني الجمهور وبني األحداثوالوقائع التي تقع يف األماكن املختلفة 26 وينظم الصحافة يف مرص القانون رقم 96 لسنة 1996 الذي يعرف الصحف بأنها املطبوعات التي تصدر باسم واحد وبصفة دورية كالجرائد واملجالت ووكاالت األنباء. ويف ذات الوقت الذي يتيح فيه هذا القانون حرية الحصول عىل املعلومات للصحفيني فإنه يقيد هذه الحرية بإثقالها بنصوص أخرى تفرغ نصوص اإلتاحة من مضمونها. نص قانون تنظيم الصحافة يف مادته الثالثة عىل أن:»تؤدي الصحافة رسالتها بحرية وباستقالل وتستهدف تهيئة املناخ الحر لنمو املجتمع وارتقائه باملعرفة املستنرية وباإلسهام يف االهتداء إىل الحلول األفضل يف كل ما يتعلق مبصالح الوطن وصالح املواطنني«. كام يكفل هذا القانون مبوجب املادة الثامنة منه حق الصحفي يف الحصول عىل املعلومات واإلحصاءات واألخبار لكن هذا الحق مقي د بأن تكون هذه املعلومات مباح نرشها وبالتايل يف حالة حظر نرشها ألي سبب ال يستطيع الصحفي الحصول عليها وتلزم هذه املادة جميع الوزارات والهيئات الحكومية بإنشاء مكتب لالتصال الصحفي تتلخص مهمته يف مد الصحفيني واملراسلني باملعلومات التي يطلبونها. وتستمر فلسفة اإلتاحة )املقيدة( يف املادة التاسعة من قانون تنظيم الصحافة التي تحظر فرض أي قيود تعوق حرية تدفق املعلومات كام تحظر منح بعض الصحف دون غريها فرصا أعىل يف الحصول عىل املعلومات إال أنها تقيد ذلك بعدم اإلخالل مبقتضيات )األمن القومي والدفاع عن الوطن ومصالحه العليا( وهي مصطلحات مطاطة تحتمل الكثري من التفسريات مام ميكن الجهات التنفيذية من تقييد حق الصحفيني يف الحصول عىل املعلومات إذا ما رأت أن حصول الصحفي عىل املعلومات من شأنه اإلرضار بهذه األمور. 25- د. أرشف رمضان عبد الحميد حرية الصحافة دراسة تحليلية يف الترشيع املرصي والقانون املقارن دار النهضة العربية 2004 ص د. حمدي حمودة حق الصحفي يف الحصول عىل املعلومات ومدى تأثريه عىل حق الجامهري يف املعرفة واإلعالم دار النهضة العربية 2010 ص. 24»المعلومات في التشريعات المصرية«